العقيدة الدرزية

أنور ياسين

إذا كنت تظنني غير مؤهل لأكون شريكاً لك في السر الذي تطويه في صدرك وأنت تعده من مقدساتك،
أمن الممكن أن توليني الثقة فأكون جديراً بمشاركتك في المواطنة؟
إن الأخذ بالباطنية أو التقية، ثم اعتناقها على أنها عقيدة من صلب الإيمان الديني، أدى إلى عواقب
 وخيمة على جبهتين: على الفئة التي قامت بالاضطهاد بفعل ممارسات القتل والتنكيل، وعلى الفئة
 المضطهَدة التي أكرهت عليها لتسلم من الأذى والاضمحلال. فالأسباب التي دعت في الماضي 
إلى ممارسة التقية قد زالت اليوم وينبغي أن تكون الحرية الدينية في رأس الحريات التي يتمتع 
بها الإنسان المعاصر والمجتمعات.

تركزت الدولة الفاطمية بادئ الأمر في تونس سنة 909 م بفضل سعيد بن حسين الذي نسب نفسه لعلي بن أبي طالب. 

غادر سعيد بلدة السلمية السورية بزي تاجر إلى شمالي إفريقيا فقوض دولة الأغالبة ونودي به أميراً ولقب بالإمام عبيد

 الله المهدي وتقبله الناس على أنه من ذرية فاطمة من نسل الحسين  غير أن بعض المؤرخين شككوا في هذه الرواية

 عن النسب.
نزل عبيد الله في ضاحية القيروان وثبت حكمه وبسط نفوذه على مجمل الأراضي الافريقية من مراكش حتى تخوم مصر.

.ثم أكمل خلفاء عبيد الله خطته في التوسع ففي عام 969 أطاح الفاطميون بالحكم الاخشيدي في مصر، وكان بطل هذه 

الحملات الأخيرة جوهر الصقلي الذي يعود إليه الفضل  في تخطيط مدينة القاهرة التي أصبحت عاصمة الفاطميين 973 م.

يعتبر الدروز نسب عبيد الله المهدي يعود إلى عبدالله بن ميمون القداح واضع اسس الدعوة الباطنية ومنظم الحركة القرمطية.

الحاكم بأمر الله: 

الخليفة والإمام الفاطمي الخامس بنظر الدروز وهو ينتسب إلى البيت العلوي عبر الشيعة الاسماعيلية وقد حكم الفترة

 ( 996- 1021 ).وقد اشتهر بالقتل، وقد ذكر المقريزي عدداً كبيراً ممن قتلهم. وكان يعقد مجالسه ليلاً ويجوب الشوارع 

في الليل أيضاً، ويتصارع الرعايا  والرعاع أمامه ويتلاكمون وقد يأمر بالكشف عن الفروج حتى بالغ الناس في اللهو 

والمجون فمنعهم الحاكم من ارتياد الحوانيت والمقاهي ومنع النساء من الخروج ليلاً ، فعاد الظلام يخيم على القاهرة.

أحكام الحاكم الغريبة:

أمر الحاكم أن يلبس النصارى واليهود الزنانير والعمائم السود وأمر بالكتابة على الحيطان والجوامع شتائم على أبي بكر

 وعمر وعثمان رضي الله عنهم  وكذلك الخلفاء العباسيين، وحرم بعض المشروبات  والمأكولات كالملوخية والجرجير 

والسمك العديم القشر وحرم ذبح البقر السليم أمر بقتل الكلاب حتى لا تنبح في الليل وتزعجه.. وحرم تبرج النساء وكانت

 كل تهمة تعرض صاحبها للقتل والحرق، وقد عاد عن بعضها لاحقاً.

نشأة الدرزية:

عام 1017 م ظهر بمدينة القاهرة ثلاثة رجال أعاجم عرفوا نفسية الحاكم واضطراباته المرضية واعتبار نفسه فوق 

مستوى البشر ورأوا تعطشه لسفك الدماء وشتم الصحابة وهدم الكنائس فاستغلوا  الأمر ودعوا إلى ألوهية الحاكم،

 وهؤلاء الرجال هم:

حمزة بن علي بن أحمد الزوزني ( اللباد ) ( نبي الدروز )
حسن بن حيدرة الفرغاني ( الأخرم)
محمد بن اسماعيل الدرزي ( بنشتكين ) وكان أسبقهم في نشر الدعوة فتسمت باسمه. 

وتزايد أمر الدرزية فشتموا الأنبياء وبالوا على المصاحف وقطع الحاكم الصلاة والخطبة في  الجوامع وعطل الحج 

وتقرب من النصارى وبنى ما تهدم من الكنائس والأديرة فزاد في سخط  المسلمين فلاحقوا الدعاة ... إلى أن اختفى.

اختلفت الروايات باختفائه ومنها أنه قتل بمؤامرة من أخته أو انتقاماً لثأر شخصي أو الاختفاء  المقصود أو أنه اعتنق 

النصرانية وترهب.

 ولكن في العقيدة الدرزية:

يقول حمزة بغيبة الحاكم وارتفاعه إلى السماء وسيعود يوماً ليملأ الأرض عدلاً.
لقد أصبحت للدرزي ( بنشتكين ) مكانة خاصة في القصر واعتقد أنه أولى بالإمامة من حمزة فوقع الخلاف بينهما وأصبح

 الدرزي بنظر حمزة ( الضد ) أو ( العجل ) وكذلك بنظر الدروز وسمي العجل لأنه ناقص عقل. وبما أن تسمية الدروز جاءت 

من الدرزي ( بنشتكين ) والدرزي هو العجل فاتهمهم الناس بعبدة العجل على جهل منهم، ولكن الدروز يرفضون الدرزي

 بنشتكين ويرفضون نسبهم إليه.

عندما طمع الدرزي بنقل الرئاسة إليه حذره حمزة واستمال الناس إلى الحاكم وقرر في نفوسهم التناسخ وأباح لهم شرب

 الخمر والزنا .. إلى أن غاب حمزة في نهاية 411 هـ  وتسلم مقاليد الدعوة بهاء الدين علي بن أحمد الطائي.

يتبع